الوقاية من ارتفاع ضغط الدم ــ2

الإقلال من الملح (الصوديوم ) في الطعام:
يتراوح معدل الاستهلاك اليومي من ملح الطعام في غالبية المجتمعات بين 6ـ12 جراماً (2.5 ـ 5 جرامات من الصوديوم) . والملاحظ أن هذا المعدل يزيد كثيراً على الاحتياجات الفعلية لجسم الإنسان من ملح الطعام ، بل يزيد بمقدار كبير عما يستهلكه الأفراد
salt
في المجتمعات البدائية المنعزلة . وتشير الدراسات الميدانية والمقارنات بين معدلات استهلاك ملح الطعام وارتفاع ضغط الدم في البلدان المختلفة ، إلى أن زيادة قدرها 2.5 جرام في كمية الصوديوم المستهلكة يومياً يصحبها ارتفاع في الضغط السيستولي يبلغ 10 مم زئبق فيمن تتراوح أعمارهم بين 60ـ69 سنة . وتدل الأبحاث على أن الأفراد يختلفون فيما بينهم في درجة تأثرهم بملح الطعام. فالمسنون والأفراد ذوو البشرة السوداء ومرضى السكر يكونون أكثر حساسية من غيرهم لملح الطعام ، حيث يتأثر ضغط الدم لديهم ـ ارتفاعاً وانخفاضاً ـ بتغير كمية الملح في الطعام . وقد ثبت أن مجرد عدم إضافة ملح الطعام إلى المائدة قد يكفي لإنقاص الضغط الدياستولي بــ 7 مم زئبق.

ــ يجب مراعاة أن المصدر الرئيسي للملح في الطعام يوجد في المعلبات والأغذية المحفوظة والمجمدة والمأكولات الجاهزة سريعة الإعداد خارج المنزل (مثل البيتزا) والجبن والأطعمة المدخنة.

المجهود الجسماني والرياضة البدنية:
أثبتت الدراسات أن المجهود العضلي والحركة يؤديان إلى انخفاض في ضغط الدم المرتفع ، وأنه توجد علاقة عكسية بين مستوى ضغط الدم وبين حجم النشاط الجسماني للفرد ـ خاصة ممارسة الرياضة والحركة ـ سواء في فترة الراحة ما بين ساعات العمل اليومي أو في عطلة نهاية الأسبوع . وتوصلت هذه الدراسات إلى أن ارتفاع الضغط يقل لدى الأفراد الأكثر نشاطاً والرياضيين عموماً، وأن الضغط السيستولي ينخفض بحوالي 10 مم زئبق فيمن يتمتعون بلياقة بدنية عالية (بقياس سرعة النبض لديهم أثناء المجهود العضلي ، حيث تقل بالمقارنة بغيرهم من الأفراد الأقل لياقة).
sport
و يحدث المجهود الجسماني تأثيره الخافض للضغط عن طريق التخلص من الوزن الزائد ، والإقلال من نشاط الجهاز العصبي السمبثاوي ، والحد من الحساسية للأنسولين وللتغير في أملاح الجسم والمنعكسات العصبية . وقد أشارت أكثر من 30 دراسة علمية إلى فائدة النشاط الجسماني في خفض ضغط الدم ، وأن معدل انخفاض كل من الضغط السيستولي والدياستولي ـ في هذه الحالة ـ يتراوح بين 6 و 7 مم زئبق. وأكدت بعض هذه الدراسات أن هذا الانخفاض في الضغط ليس له علاقة بنقص الوزن ، وأنه حدث في بعض الحالات انخفاض في الضغط بالرغم من زيادة الوزن.

ــ تدل الأبحاث العلمية على أن جميع أنواع النشاط الجسماني والرياضي تؤدي إلى خفض الضغط ، وأن ممارسة الرياضة يومياً ـ وليس 3 مرات فقط في الأسبوع ـ تحقق أفضل النتائج . كما تشير هذه الأبحاث إلى أن المجهود المعتدل الذي يشتمل على 40 ـ 60 في المائة من أقصى استهلاك للأوكسجين (مؤشر المجهود الجسماني) له نفس فاعلية المجهود العنيف في خفض ضغط الدم ، وأن المشي السريع لمدة 30 ـ 45 دقيقة يومياً يؤدي إلى إنقاص الضغط.


االامتناع عن الكحوليات:
هناك علاقة مؤكدة بين معدل استهلاك الكحول (إذا زاد على 40 جراماً في اليوم) وبين مستوى ضغط الدم. وتشير الدراسات الميدانية إلى أن الإسراف في تناول الكحوليات مسئول عن حدوث حوالي 10 في المائة من حالات ارتفاع ضغط الدم ، وأن الإقلال منها يؤدي إلى انخفاض الضغط.

ــ حدود الاستهلاك التي يجب عدم تجاوزها لتجنب الآثار غير الصحية للكحول هي 30سم3 من الكحول ، أو 60سم3 من الويسكي ، أو 720 سم3 من البيرة(نصيحتي هي الامتناع نهائيا عن الكحوليات).

البوتاسيوم:
قد يكون لزيادة كمية البوتاسيوم في الطعام أثر مفيد في الوقاية من ارتفاع ضغط الدم ، إذ وجد أن عدم تناول هذا العنصر بكميات كافية قد يؤدي إلى ارتفاع الضغط . لذلك يجب الاهتمام بتناول الأغذية الغنية بعنصر البوتاسيوم مثل الفواكه والخضراوات الطازجة. وقد دلت الدراسات الميدانية على وجود علاقة بين نسبة إفراز عنصر الصوديوم إلى عنصر البوتاسيوم في البول ، وبين ضغط الدم. إذ أنه كلما زادت هذه النسبة زاد معدل الضغط. ويعزى أثر البوتاسيوم في خفض ضغط الدم إلى فاعليته في إدرار البول ، وإلى تأثيره على الجهاز العصبي السمبثاوي وجهاز الرينين ـ أنجيوتنسين. وقد أثبتت بعض التجارب أن إضافة أقراص البوتاسيوم إلى الطعام تؤدي إلى انخفاض ضغط الدم بقيم تتراوح بين 3 و 5 مم زئبق ،وأن الأفراد أصحاب البشرة السوداء أو ممن ينتمون لأصول زنجية قد يستفيدون أكثر من غيرهم عند زيادة كمية البوتاسيوم اليومية . كما توصلت بعض الدراسات إلى أن زيادة تناول البوتاسيوم تقلل من درجة احتياج مرضى ضغط الدم المرتفع للأدوية الخافضة للضغط.

زيت السمك:
تحتوي زيوت الأسماك على نوع معين من الأحماض الدهنية غير المشبعة تعرف باسم "الأحماض الدهنية 3 أوميجا" وهي تتميز
oil fish
بقدرتها على خفض ضغط الدم . والحصول على تأثيرها الخافض للضغط ، يجب أن تزيد الكمية التي يتناولها المريض من هذه الأحماض الدهنية على ثلاثة جرامات يومياً (توجد هذه الكمية في حوالي 6ـ10 كبسولات من مستحضر زيت السمك المتوافر بالصيدليات) . إلا أن تناول هذه الكمية الكبيرة من زيت السمك قد تصحبه بعض الآثار الجانبية مثل انتفاخ البطن ، والشعور بالغثيان ، وزيادة القابلية للنزف . ومن ناحية أخرى ، لم تتوصل إحدى الدراسات الحديثة إلى ما يؤكد أن لزيت السمك أي تأثير فعال في منع ارتفاع ضغط الدم أو الوقاية منه.

تغيير النظام الغذائي:
تبين في دراسة حديثة أن تغيير نوعية الغذاء الذي يتناوله مريض الضغط المرتفع بحيث يتضمن كميات معقولة من الفاكهة والخضروات الطازجة، مع تجنب الدهون الحيوانية خاصة الموجودة في اللبن كامل الدسم وجميع منتجاته ، يمكن أن يؤدي إلى خفض ضغط الدم خلال أسابيع قليلة. وقد لوحظ أن هذا التغيير في النظام الغذائي يحدث آثره في خفض ضغط الدم حتى لو لم يصحبه تغيير في كمية ملح الطعام أو في وزن المريض. وتعزي فاعلية هذه النوعية من الغذاء في تقليل ضغط الدم المرتفع إلى احتوائها على كميات كبيرة من أملاح البوتاسيوم والكالسيوم والماغنسيوم بالإضافة إلى الألياف ، كما أنها تشمل على كميات معتدلة من البروتينات وقليل من الكوليسترول والدهون ، خاصة الدهون المشبعة.

الكالسيوم:
توجد علاقة عكسية بين ما يتناوله الفرد من عنصر الكالسيوم , وبين مستوى ضغط الدم ، بحيث أن نقص كمية الكالسيوم في الغذاء يصحبه زيادة في معدلات الإصابة بالضغط المرتفع. وعلى الرغم من أن بعض الدراسات تؤكد فائدة زيادة كمية الكالسيوم في الطعام ، فإن غالبية الدراسات لم تقدم دليلاً واضحاً على فاعلية أقراص الكالسيوم في خفض ضغط الدم المرتفع أو الوقاية منه. ومن ناحية أخرى ، تشير نتائج البحوث العلمية إلى أهمية ألا يقل ما يتناوله الفرد من الكالسيوم يومياً عن 800ــ1200 مجم للشخص البالغ ، لما لذلك من أثر إيجابي في المحافظة على الصحة بوجه عام.

الماغنسيوم:
يكثر عنصر الماغنسيوم في مياه الآبار المعدنية ، وهناك علاقة عكسية بين ما يعرف بــ"عسر الماء" (زيادة تركيز الماغنسيوم بالماء) ومستوى ضغط الدم. ورغم أن الدراسات الحالية تشير إلى أن نقص كمية الماغنسيوم في الطعام يؤدي إلى ارتفاع ضغط الدم ،فإنه لا يوجد دليل على فاعلية تناول أقراص الماغنسيوم في الوقاية من مرض ضغط الدم المرتفع.

الاسترخاء وتجنب القلق والتوتر العصبي:
تؤدي الانفعالات النفسية الحادة مثل النقاش العنيف والغضب الزائد والخوف والمواجهات المثيرة إلى ارتفاع مؤقت في ضغط الدم ، ويرجع ذلك إلى أن هذه المواقف الحادة تصاحبها زيادة في مستوى هرمونات الأدرينالين والكورتيزون والألدوستيرون وغيرها بالدم.
relax
لذلك ليس بالمستغرب أن يؤدي القلق النفسي والتوتر العصبي المزمن إلى ارتفاع دائم في ضغط الدم على المدى البعيد. وقد أثبتت الدراسات الحديثة وجود علاقة بين التوتر الزائد في العمل وارتفاع ضغط الدم، وأن الأفراد الذين يعانون من الضغوط النفسية الزائدة والتوتر والقلق أثناء العمل ، ولكن تنقصهم القدرة على اتخاذ القرار أو التحكم في هذه الظروف غير المواتية ـ يكونون أكثر عرضة من غيرهم للإصابة بارتفاع ضغط الدم . وأوضحت الدراسات كذلك أن أصحاب المستويات المتدنية من التعليم ، والظروف الاجتماعية والمادية المتواضعة ، هم الأكثر عرضة للمعاناة النفسية ، وبالتالي لارتفاع ضغط الدم. ومن هنا اتجهت الأبحاث إلى دراسة أثر الاسترخاء والتأمل ومحاربة القلق والتوتر في التحكم في مستوى ضغط الدم وتجنب ارتفاعه . وجاءت نتائج هذه الدراسات متعارضة ومتضاربة ، فبينما أثبت بعضها فاعلية هذا النوع من العلاج ، فإن البعض الآخر لم يتوصل لدليل يؤكد ذلك . وفي دراسة حديثة عن هذا الاتجاه العلاجي ، لم يتوصل الباحثون إلى أن استخدام وسائل الاسترخاء والهدوء النفسي يمكن أن يصلح كأسلوب للوقاية والعلاج من ارتفاع ضغط الدم.

برامج الوقاية من ارتفاع ضغط الدم:
ــ تعتمد هذه البرامج على توعية الجمهور بوجه عام ، والأفراد الأكثر عرضة للإصابة بضغط الدم المرتفع بوجه خاص ، إلى جانب المرضى بارتفاع الضغط والأطباء والمهتمين بالشئون الصحية.
ــ تشتمل برامج التوعية على التعريف بالمرض وخطورته ومضاعفاته ، ودور العوامل البيئية المختلفة في ظهور المرض ، وأهمية قياس ضغط الدم بانتظام . كما تتناول هذه البرامج الدور الحيوي الذي يلعبه كل من تغيير نمط المعيشة الخاطئ ، واتباع النصائح والإرشادات الخاصة بالوقاية ، وتناول مرضى الضغط المرتفع للعلاج بصفة مستمرة ، وقياس الضغط كل ثلاثة أو ستة شهور حسب الحالة.
ــ يجب التأكيد في برامج التوعية على أن الطريقة التي يتبعها الفرد في المعيشة والغذاء والعمل وقضاء وقت الفراغ ، وعلاقته بأسرته وزملائه ـ لها تأثير كبير على مستوى ضغط الدم.
ــ يجب أن توجه برامج التوعية إلى المواطنين جميعاً عن طريق وسائل الإعلام المختلفة من إذاعة وتليفزيون وصحافة ، كذلك من خلال الملصقات الإعلانية بالشوارع والميادين . ويجب أن تستهدف هذه البرامج أماكن التجمعات الكبيرة مثل خطبة الجمعة بالمساجد وعظة الأحد بالكنائس.
ـــ يجب تكثيف الحملة الدعائية للوقاية من ارتفاع ضغط الدم داخل عيادات الأطباء والمستشفيات والمراكز الصحية ، على أن يتم تزويد هذه الأماكن بالملصقات والمطبوعات المختلفة والنشرات الصحية التي تحث على التخلص من الوزن الزائد ، وتشجع على ممارسة الرياضة البدنية والابتعاد عن الأغذية الضارة ، وتدعو إلى الإقلال بقدر الإمكان من إضافة الملح إلى المائدة وأثناء إعداد الطعام ، مع تجنب الحوادق والمخللات والأغذية المدخنة والمعلبات وجميع أنواع الجبن ،وكذلك المأكولات الجاهزة خارج المنزل خاصة البيتزا والشيبسي والهامبورجر.
ــ يجب إرشاد العاملين بالأماكن التي تقوم بإعداد كميات كبيرة من الطعام وعدد كبير من الوجبات مثل المطاعم العامة والفنادق والمعسكرات والمصانع ، إلى أهمية تقليل كمية الملح في الطعام مع تجنب المواد الدسمة والغنية بالدهون والكوليسترول.
ــ يجب توعية القائمين على إعداد الغذاء وتجهيزه بضرورة الإقلال من كميات الملح والدهون المضافة للطعام.
ــ يجب التوصية بوضع نشرة تشمل على قائمة بمحتويات الأغذية المختلفة من الملح داخل محلات البقالة والسوبر ماركت ، مع وضع ملصقات لإرشاد المواطنين إلى الغذاء الصحي.