ضغط الدم غير المستجيب للعلاج

كان لاكتشاف الأدوية الحديثة لعلاج ارتفاع ضغط الدم أثر كبير في منع ظهور مضاعفات المرض ، وأصبح من الممكن العودة بالضغط إلى معدلاته الطبيعية حتى في الحالات الشديدة. ولكن في قليل من المرضى قد لا يستجيب الضغط للعلاج ، ولا يمكن خفضه إلى المستوى المطلوب رغم تناول الأودية الخافضة للضغط. فإذا استمر معدل الضغط أعلى من 160/100مم زئبق في عدة قياسات على مدار شهرين من تناول العلاج الثلاثي(يشتمل العلاج الثلاثي على مدرات البول ومضادات المستقبلات البائية للجهاز العصبي السمبثاوي ، بالإضافة إلى موسعات الشرايين مثل مضادات الكالسيوم ومثبطات الإنزيم المحول) ، فإنه يلزم في هذه الحالة إجراء مزيد من البحث لمعرفة أسباب عدم استجابة الضغط المرتفع للعلاج. وتقدر نسبة هذه الحالات بنحو 3-13 في المائة من إجمالي الحالات المحولة إلى عيادات الضغط المتخصصة.

أسباب عدم استجابة الضغط للعلاج:

1ـ عدم تناول المريض للعلاج بصفة منتظمة ، أو عدم التزامه بتعليمات الطبيب في هذا الخصوص. ويقدر أن حوالي 20-80في
Medication
المائة من المرضى لا يواظبون على تناول علاج الضغط بانتظام ، مما يؤدي إلى ارتفاع الضغط مجدداً دون أن يشعر المريض بذلك.

2ـ عدم مراعاة الدقة اللازمة في قياس الضغط . فمن المؤسف حقاً أن عدداً غير قليل من الأطباء لا يعطى لعملية قياس الضغط العناية الكافية، مما يترتب عليه الحصول على قراءات غير سليمة قد تعطى انطباعاً خاطئاً عن استجابة المريض للعلاج . وقد شرحنا الطريقة النموذجية لقياس الضغط ، وذكرنا الاحتياطات الواجب مراعاتها للحصول على قراءات صحيحة . 
ومن الأسباب المهمة لحدوث خطأ في قياس الضغط ما يلي:
ــ وجود عيب في جهاز القياس ، أو استخدام مثانة مطاطية صغيرة لا تناسب حجم الذراع.
ــ عدم وضع المثانة على شريان الذراع بعناية.
ــ عدم الاهتمام بضبط وضع الذراع بحيث تكون في مستوى القلب داخل الصدر.
ــ انخفاض الضغط بسرعة عند تفريغ الهواء أو رفعه ببطء.
ــ ارتفاع الضغط الكاذب لدى المسنين.

3ـ التعجل في قياس الضغط مع عدم إتباع الطريقة الصحيحة للقياس مما يؤدي إلى الحصول على قراءات خاطئة.

4ـ عدم الأخذ بالأسلوب العلمي عند وصف أدوية الضغط للمريض .
 ومن مظاهر هذا ما يلي:
ــ استخدام جرعات من الدواء تقل عن الجرعة المطلوبة ، وإحجام الطبيب عن زيادة الجرعة رغم عدم استجابة الضغط للجرعة الأقل.
ــ عدم استخدام المجموعات الدوائية المناسبة في الحالات التي تستدعي وصف أكثر من عقار لعلاج ارتفاع الضغط.
ــ وصف أدوية لا يتم امتصاصها من الأمعاء بكمية كافية.
ــ وجود تعارض بين الأدوية الموصوفة ، أو تناول عقاقير قد تحد من فاعلية الأدوية الخافضة للضغط مثل منشطات الجهاز العصبي السمبثاوي ،وهرمون الكورتيزون وهرمونات قشرة الغدة فوق الكلية ، وبعض أدوية الروماتيزم.

5ـ زيادة حجم السوائل بالجسم. وهي تعد من الأسباب الرئيسية لعدم استجابة الضغط المرتفع للعلاج , وتنتج من عدم استخدام مدرات البول بكمية كافية ، أو تناول ملح الطعام بإسراف ، أو تدهور وظائف الكليتين.

6ـ ارتفاع الضغط الثانوي. إذ يجب الاشتباه في وجود أسباب مرضية لارتفاع الضغط في الحالات التي لا تستجيب للعلاج بسهولة. من هذه الأسباب : الفشل الكلوي ، ضيق الشريان الكلوي ، أورام الغدد الصماء ، الإسراف في تعاطي الكحول.

7ـ ارتفاع ضغط الرداء الأبيض ، وفي هذه الحالة يحدث ارتفاع غير عادي للضغط عند قيامه بواسطة الطبيب ، نتيجة التوتر والقلق الزائد الذي يعتري بعض المرضى أثناء عملية القياس.وهو ارتفاع كاذب لا يعبر عن زيادة حقيقة في ضغط الدم ، بدليل أنه عند قياس الضغط في المنزل بواسطة الزوجة أو أحد الأصدقاء ، يكون ارتفاع الضغط بسيطاً أو في الحدود الطبيعية. وقد تبين أنه في حوالي 25% من الحالات يظهر الضغط مرتفعاً عند قياسه في عيادة الطبيب ، بينما يكون طبيعياً عند قياسه في المنزل. ويمكن الاستدلال على هذا النوع من الضغط باستخدام جهاز قياس الضغط المحمول الذي يؤدي مهمته على مدار 24 ساعة . كما يلاحظ التفاوت الشديد بين قراءات الضغط في كل من العيادة والمنزل ،وعدم ظهور أي آثار للضغط على أجهزة الجسم المختلفة تبرر الأرقام العالية للضغط المقاسة في عيادة الطبيب.

الخطوات الواجب إتباعها في حالات ارتفاع الضغط غير المستجيب للعلاج:
1ـ يجب أولاً التأكد من أن قياسات الضغط صحيحة ، وأن جهاز القياس سليم ، وأن حجم المثانة المطاطية يناسب حجم الذراع.
2ـ التأكد من أن المريض يتناول أدوية الضغط بانتظام وحسب إرشادات الطبيب ، مع تنبيهه إلى الأهمية القصوى للالتزام بالعلاج وعدم الانقطاع عنه ، خاصة وأن التوقف عن العلاج فجأة قد يؤدي إلى مضاعفات خطيرة . وينبغي أن يعي المريض أهمية أخذ الدواء بانتظام ,فإذا امتنع عن الدواء فسيعود الضغط للارتفاع دون أن يشعر المريض بذلك.
3ـ التأكد من أن جرعة الدواء مناسبة ، على أن يراعي في حالة تناول أكثر من عقار خافض للضغط أن تكون المجموعات الدوائية مختلفة: فلا يعطى عقاران ينتميان إلى نفس المجموعة الدوائية مثلاً.
4ـ الامتناع عن تناول أية عقاقير أخرى قد تؤدي إلى ارتفاع الضغط ولو بصفة مؤقتة ، وأشهرها أدوية علاج الأمراض الروماتيزمية ، وكذلك الإقلال من تعاطي المشروبات الكحولية.
5ـ استخدام جهاز قياس ضغط الدم المحمول (يقيس الضغط على مدار 24 ساعة) عند الاشتباه في وجود حالة من حالات ارتفاع ضغط الرداء الأبيض.
6ـ استبعاد الأسباب الثانوية لارتفاع الضغط مثل ضيق الشريان الكلوي ، أو أورام الغدد الصماء.
7ـ الإقلال من الملح في الطعام ، وزيادة جرعة مدرات البول ، وذلك في حالة استمرار ارتفاع الضغط على الرغم من تناول المريض لجرعات كبيرة من الدواء واستخدامه أكثر من عقار خافض للضغط.
8ـ في حالة استمرار عدم الاستجابة للعلاج رغم إتباع الخطوات السابقة ، فإنه ينصح بإدخال المريض المستشفى لإجراء مزيد من الفحوصات ، والتأكد من مواظبته على تناول العلاج ومتابعة قياس الضغط.