قياس ضغط الدم

يعتمد تشخيص مرض ارتفاع ضغط الدم ومتابعة حالة المريض وتأثير العلاج ، بصفة أساسية ، على وجود قياسات دقيقة وسليمة لضغط الدم . ورغم أن قياس الضغط يمكن إجراؤه بسهولة حتى بواسطة الأفراد العاديين ، فإن كثيراً من الأطباء ومساعديهم ، مع الأسف ، لا يقومون بقياس الضغط بطريقة صحيحة . وبالطبع يؤثر القياس الخاطئ على القرارت التي يتخذها الطبيب ، فتكون غير سليمة ، مما قد يكون له عواقب وخيمة سواء من ناحية التشخيص أو العلاج. وسنتناول في هذا الفصل الطريقة الصحيحة لقياس ضغط الدم.

أجهزة قياس ضغط الدم (المانومترات):
يوجد نوعان من الأجهزة المستخدمة لقياس الضغط ، وهما : النوع الزئبقي والنوع الزنبركي ،وعند استخدام الجهاز الزئبقي يجب مراعاة ما يلي:
ــ التأكد قبل القياس ، وعندما تفرغ المثانة والمضخة المطاطية من الهواء ، أن مستوى الزئبق عند علامة الصفر.
ــ التأكد من عدم ظهور فقاعات عند النفخ ، فوجود فقاعات في الزئبق يعتبر علامة نقصان الزئبق ، مما يتطلب إعادة ملء الجهاز
Mercurial Blood Pressure Monitor
ومعايرته.
ــ تعتبر الوسادة الضاغطة على الذراع من أكثر مصادر الخطأ عند قياس الضغط ، إذ يجب أن يكون حجم الوسادة مناسباً لحجم الذراع ، فالذراع الممتلئة في حالة المرضى السمان مثلاً تحتاج إلى وسادة ذات حجم خاص كبير.
ــ لقياس الضغط بدقة ، يجب أن يكون عرض المثانة المطاطية داخل الوسادة المصنوع من القماش ، مساوياً لأربعين في المائة من محيط الذراع ، وهو يناسب محيط ذراع في حدود 30 سم ، لذلك لابد من توافر أكثر من حجم للوسادة والمثانة المطاطية لدى الطبيب ، حتى يختار من بينها المقاس المناسب لمحيط الذراع.
ــ التأكد من أن الوصلات والأنابيب الجلدية في حالة جيدة ، وخالية تماماً من التشققات.
ـ من مصادر الخطأ الشائعة أيضاً ، وجود عطل بالصمام الذي يتحكم في تفريغ الوسادة الضاغطة من الهواء . ويظهر هذا العيب مع الاستعمال العادي للجهاز ، ويمكن اكتشافه بملاحظة عدم ثبات ارتفاع عمود الزئبق في المانومتر بعد إغلاق الصمام وضخ الهواء. إذا يؤدي تلف الصمام إلى انخفاض تدريجي في مستوى الزئبق بالمانومتر.
((( لا ينصح باستخدام أجهزة قياس الضغط الاليكترونية المنتشرة بالأسواق نظراً لعدم دقتها)))

إعداد المريض لقياس الضغط:
ــ يجب أن يتم القياس في غرفة مريحة هادئة بعيدة عن مصادر الضجيج والضوضاء ، وأن يكون جو الغرفة مناسباً.
ــ يتم إحاطة المريض بالخطوات الواجب عليه إتباعها للاستعداد لعملية القياس ، وتتضمن تفريغ المثانة من البول قبل القياس ، والامتناع عن التدخين وتناول الطعام واحتساء القهوة والمكيفات لمدة ساعتين على الأقل قبل القياس.
ــ يمكن قياس الضغط والمريض مستلق على ظهره أو في وضع الجلوس ، مع مراعاة أن تكون قدما المريض ثابتتين على الأرض ، وأن تكون ذراعه موضوعة على وسادة أو منضدة ، وليست معلقة في الهواء.
ــ يفضل أن يستريح المريض لمدة خمس دقائق على الأقل بعد تثبيت الوسادة الضاغطة على الذراع ، كما يطلب منه الاسترخاء وعدم الكلام على الإطلاق أثناء عملية القياس.
ــ يراعى أن تكون الذراع في وضع مريح للمريض مع ثنيها برفق، وأن تكون نقطة منتصف الذراع العلوية في مستوى القلب داخل الصدر.

طريقة القياس:
يجب مراعاة الخطوات التالية عند قياس ضغط الدم :
ــ فك أي ملابس ضيقة تحيط بالذراع ، وأن يكون الجزء العلوي من الذراع مكشوفاً بالكامل.
Blood Pressure
ــ تثبيت وسادة القماش الضاغطة على الجلد مباشرة ، بحيث يكون منتصف المثانة المطاطية داخل الوسادة مثبتاً على شريان الذراع الذي يجب تحسسه قبل القياس.
ــ ضبط الوسادة الضاغطة ، بحيث يكون طرفها السفلي فوق ثنية الكوع بمقدار بوصة على الأقل ، مع مراعاة لف الوسادة بعناية بحيث تطبق تماماً على الذراع.
ــ يتم تحسس النبض في الشريان أعلى اليد ، ثم يرفع ضغط الهواء بسرعة داخل المثانة المطاطية ـ باستخدام المضخة ـ إلى مستوى 70 مم زئبق ،ويستمر رفع الضغط تدريجياً بمعدل 10 مم زئبق حتى يختفي النبض تماماً من شريان المرفق أعلى اليد . وبعد تحديد مستوى الضغط الذي لا يحسه عنده بالنبض ،يفتح الصمام لتفريغ المثانة من الهواء ، وبذا يعود عمود الزئبق إلى مستوى الصفر.
ــ يتم غلق الصمام ثانية مع ضخ الهواء حتى يرتفع الضغط داخل المثانة بمقدار 30 مم زئبق فوق مستوى الضغط الحاجب للنبض الذي سبق تحديده في الخطوة السابقة . بعد ذلك يتم تثبيت الجزء المخروطي من السماعة الطبية  في شريان الذراع عند تثنية الكوع بعيداً عن الوسادة الضاغطة ، مع ملاحظة رفع الضغط بسرعة أثناء ضخ الهواء في المثانة.
ــ يفتح الصمام ببطء بحيث يقل الضغط تدريجياً داخل المثانة وينخفض عمود الزئبق بمعدل 2 مم كل ثانية (أو مع كل نبضة من نبضات القلب) حتى يختفي صوت نبضات القلب تماماً.
ــ تؤخذ قراءة الضغط الانقباضي (السيستولي) عند بداية سماع نبضات قراءة الضغط الانقباضي (السيستولي) عند بداية سماع نبضات القلب بواسطة المسماع بعد فتح الصمام وخفض الضغط تدريجياً ، وكذلك قراءة الضغط الانبساطي (الدياستولي) عند اختفاء صوت نبضات القلب تماماً.
ــ بعد فترة انتظار مدتها دقيقة واحدة ، يتم إعادة القياس بإتباع الخطوات السابقة.
ــ يتم تحديد الضغط إلى أقرب 2 مم زئبق ، ويؤخذ متوسط القراءتين . في حالة وجود فرق في القياس بين القراءتين أكثر من 10مم زئبق ، يتم إعادة القياس مرة ثالثة ، ويؤخذ متوسط القراءات الثلاث.
ــ في حالة قياس الضغط لأول مرة ، ينصح بأن يتم القياس في الذراعين معاً ، وأن تستخدم الذراع ذات الضغط الأعلى في أي قياسات تالية ، كذلك يوصى بقياس الضغط بعد وقوف المريض لمدة دقيقة على الأقل ، ويسجل الضغط في وضع الوقوف.

التغير (التذبذب) في مستوى ضغط الدم
ضغط الدم مثل غيره من القياسات الحيوية عرضة للتغيير والتذبذب من لحظة لأخرى . ويلاحظ أن معدل التغير يزداد في مرضى الضغط المرتفع عنه في الأصحاء . ومن المشاكل المهمة المتعلقة بضغط الدم التي تواجه المرضى والأطباء وجود اختلافات كبيرة بين قراءات الضغط المأخوذة لنفس المريض . ومن هنا تبرز أهمية التعرف على طبيعة التغيرات في مستوى ضغط الدم والعوامل المسئولة عنها.ويمكن تقسيم هذه التغيرات إلى مجموعتين:
ــ المجموعة الأولى:
وهي التغيرات الناتجة عن استخدام العقاقير والأدوية التي تؤثر على ضغط الدم بالزيادة أو النقصان . ولذلك فإن من الأهمية بمكان أن يبلغ المريض طبيبه المعالج بأي تغير في العلاج ، وبأسماء أي أدوية جديدة يكون قد تناولها.وقد سبقت الإشارة إلى الأدوية المؤدية لارتفاع الضغط.

ــ المجموع الثانية:
وتشمل التغيرات التي يشهدها مستوى الضغط نتيجة تغير درجة نشاط الجهاز العصبي اللاإرادي السمبثاوي. ويمكن لهذه التغيرات في مستوى الضغط ، ارتفاعاً وانخفاضاً ، أن تحدث خلال ثوان أو دقائق معدودة أو ساعات.

أ ـ تغيرات مستوى الضغط المفاجئة (خلال ثوان) : وتحدث في الأحوال التالية:
1ـ النوم : ينخفض الضغط بسرعة عند الاستغراق في النوم.
2ـ الاستيقاظ : يرتفع فجأة عند الاستيقاظ من النوم.
3ـ الألم : يؤدي الإحساس بالألم إلى زيادة الضغط ، وقد يسبب انخفاضاً في الضغط ، كما في الألم الناتج عن أعضاء الجسم الداخلية.
4ـ المجهود الجسماني: يرفع الضغط الانقباضي مع زيادة سرعة النبض.
5ـ الكلام والتحدث: يؤدي إلى ارتفاع الضغط حتى وإن لم تصحبه انفعالات أو توترات.
6ـ الانفعال النفسي العنيف: يرفع الضغط إلى معدلات كبيرة.
7ـ الجماع الجنسي : يؤدي إلى زيادة ملحوظة في الضغط.
8ـ امتلاء المثانة أو المستقيم :يؤدي إلى ارتفاع الضغط.
9ـ زيارة الطبيب : قد يرتفع الضغط فوق معدلاته الطبيعية عند مواجهة الطبيب خاصة لأول مرة.

ب ـ تغيرات مستوى الضغط خلال دقائق:
1ـ عقب تناول الطعام : ينخفض الضغط الانبساطي خلال الساعات الثلاث الأولى التي تلي تناول الطعام.وفي حالة كبار السن ، ينخفض أيضاً الضغط الانقباضي بعد تناول الطعام.
2ـ تدخين السجائر : يرفع الضغط بمقدار 20 أو 30 مم زئبق ، خاصة لدى الأفراد ذوي الاستعداد الوراثي للإصابة بمرض ضغط الدم المرتفع.
3ـ تناول القهوة والشاي: تؤدي مادة الكافيين الموجودة بالقهوة والشاي إلى ارتفاع مؤقت في الضغط ، إذا لم يكن الشخص معتاداً على تناولهما. لكن لا تحدث تغيرات ملحوظة في الضغط في حالة الأفراد الذين اعتادوا احتساء هذه المكيفات.

جـ ـ تغيرات مستوى الضغط خلال ساعات:
1ـ يتغير مستوى ضغط الدم على مدار الأربع والعشرين ساعة. إذ يصل الضغط إلى أدنى مستوى له عند منتصف الليل مع الاستغراق في النوم، ثم يرتفع تدريجياً حتى يبلغ أعلى مستوى له في ساعات اليوم الأولى(8-10 صباحاً) ، ثم ينخفض تدريجياً أثناء الظهيرة ، لكنه لا يلبث أن يرتفع مرة أخرى بمعدل أقل أثناء فترة بعد الظهر ، ثم يعاود انخفاضه التدريجي في المساء ليصل إلى أقصى انخفاض له خلال الليل.
2ـ قد يتغير مستوى الضغط تبعاً لكمية الملح في الطعام لدى الأفراد ذوي الحساسية لملح الطعام.إذ يرتفع الضغط مع زيادة الملح وينخفض مع الإقلال من الملح ، خاصة بين المسنين.

قياس الضغط على مدار 24 ساعة (جهاز قياس ضغط الدم المحمول):
يقوم هذا الجهاز بتسجيل الضغط وقياسه بانتظام كل نصف ساعة أو ساعة كاملة ، ويحمله المريض معه طوال اليوم لا يفارقه حتى أثناء النوم. ويتيح هذا الجهاز الحصول على العديد من القراءات بعيداً عن الطبيب ، وأثناء لحظات الانفعال والاسترخاء ، مما يعطي صورة دقيقة لتغيرات الضغط على مدار اليوم.ونظراً لأن استخدام هذا الجهاز ليس مريحاً للمريض، لذا يقتصر استخدامه على حالات محددة مثل وجود ارتفاع شديد في الضغط،أو عند وجود فروق كبيرة بين قراءات الضغط في كل من المنزل وعيادة الطبيب ، أو عند وجود أعراض أو شكوى واضحة للمريض.