الحالات الحرجة

في بعض الحالات يرتفع ضغط الدم إلى معدلات كبيرة ، مما قد يهدد حياة المريض أو يتسبب في حدوث مضاعفات خطيرة . وقد يكون الارتفاع المفاجئ في ضغط الدم هو أول أعراض المرض ، وقد تصحبه أعراض أخرى نتيجة زيادة الضغط داخل الدماغ مثل الصداع الشديد ، أو حدوث ضعف في أحد الأطراف ، أو اضطراب الكلام والفهم والاستيعاب ، أو ضعف الإبصار أو فقدان جزء من المجال البصري، أو حدوث هبوط مفاجئ في القلب . وحالات الارتفاع الشديد للضغط المصحوبة بأحد الأعراض السابقة تستدعي التدخل السريع ، ومتابعة المريض داخل وحدة الرعاية الحرجة بالمستشفى ، حيث يجب العمل على خفض الضغط بسرعة عن طريق حقن الوريد بالعقاقير الخافضة للضغط.

ارتفاع ضغط الدم الخبيث:
وهو ارتفاع زائد شديد في الضغط يؤثر على جدران الأوعية الدموية والشرايين ، ويحدث عادة كأحد مضاعفات ضغط الدم المرتفع عند الإهمال في العلاج. وجميع أنواع ضغط الدم المرتفع قد تتدهور إلى هذه المرحلة الخطيرة التي قد تؤدي بحياة المريض . إذ أن استمرار الضغط في الارتفاع إلى معدلات عالية جداً ، يسبب تدمير الشرايين الصغيرة بالجسم ، خاصة شرايين الكليتين ، مما يؤدي إلى حدوث الفشل الكلوي .وتزداد معدلات الإصابة بارتفاع ضغط الدم الخبيث بين مدخني السجائر.
ـــ في بعض حالات ارتفاع ضغط الدم الخبيث ، قد تظهر علامات على حدوث ضيق بأحد الشرايين الرئيسية للكلى يمكن أن يكون السبب في الارتفاع الشديد للضغط.

علامات ارتفاع ضغط الدم الخبيث:
ــ زيادة ضغط الدم الانبساطي (الدياستولي) على 140 زئبق.
ــ حدوث تغيرات في شبكية العين مثل النزيف والرشح ، ويمكن الكشف عنه بفحص قاع العين.
ـــ ظهور أعراض إصابة الجهاز العصبي المركزي ، مثل الصداع الشديد ، والميل الزائد للنوم , واضطراب مستوى الوعي ، والتشنجات , وفقدان الوعي التام (الغيبوبة) ،واضطرابات الإبصار.
ــ ظهور أعراض تأثر الكليتين مثل قلة إفراز البول , ووضوح علامات التسمم البولي نتيجة حدوث فشل كلوي.
ــ حدوث اضطرابات بالجهاز الهضمي مثل الغثيان والقئ.

الفحوص المعملية:
ــ فحص الدم قد يشير إلى حدوث تحلل في كرات الدم الحمراء وزيادة قابلية الدم للتجلط . كما تتغير كيمياء الدم ، فيزداد مستوى البولينا وتنخفض معدلات البوتاسيوم نتيجة زيادة إفراز هرمون الألدوستيرون.
ــ تحليل البول قد يظهر زيادة في كمية الزلال والكرات الدموية الحمراء.

ارتفاع الضغط الشديد المصحوب بخلل في وظائف المخ:
تتسع الأوعية الدموية الخاصة بالمخ وتنقبض تبعاً للتغير في مستوى ضغط الدم ، وذلك حتى يمكن الحفاظ على تدفق الدم بمعدل ثابت في الأوعية المخية. إذ أنه عند زيادة الضغط تنقبض الأوعية المخية ، بغية توفير الحماية لأنسجة المخ من تدفق الزائد. لكن عند ارتفاع الضغط إلى معدلات عالية جداً ، فإن قدرة الأوعية الدموية على الانقباض تختل ، مما يؤدى إلى تمدد الأوعية واتساعها ، وبالتالي ارتشاح السوائل إلى خارج الأوعية حيث تصل إلى أنسجة المخ المجاورة . وبوصول السوائل المرتشحة إلى أنسجة المخ يزاد حجم السائل المخي ، مما يفضي إلى حدوث استسقاء بالمخ وارتفاع الضغط بالسائل المخي وداخل الدماغ. ويصحب الحالة الأخيرة صداع شديد أو تشنجات ، مع ظهور علامات قصور بالدورة الدموية المخية أو اضطراب الوعي ، كما يزداد الضغط بالسائل النخاعي.
مثل هذه الحالات تتطلب التدخل السريع لخفض الضغط المرتفع ، حيث إن إهمال العلاج قد يؤدي إلى تدهور حالة المريض خاصة مع استمرار ارتفاع الضغط . ويجب مراعاة أن يتم خفض الضغط بصورة متدرجة ، إذ أن الخفض المفاجئ قد يسبب مضاعفات خطيرة . ويهدف العلاج إلى تقليل ضغط الدم الانبساطي (الدياستولي) إلى 110مم زئبق ، مع مراقبة الضغط باستمرار في حالة استخدام العقاقير الخافضة للضغط عن طريق الحقن في الوريد ، مثل عقار نيتروبروسيد الصوديوم.

مضاعفات ارتفاع ضغط الدم الحاد والشديد:

أ ـ الهبوط الحاد لوظائف البطين الأيسر للقلب:
يضع ارتفاع ضغط الدم عبئاً كبيراً على القلب ، مما قد يؤدي إلى حدوث فشل مفاجئ في وظائف البطين الأيسر عن ضخ الدم إلى الشريان الأورطي الرئيسي. فنتيجة للحمل الزائد على البطين ، تتناقص مقدرته على الانقباض مما يؤدي لانخفاض حجم الدم الصادر من القلب. وفي نفس الوقت يرتفع الضغط داخل غرف القلب والأوعية الدموية للرئتين ، مسبباً احتقاناً بالرئتين ـ فيشكو المريض من كرشة النفس (النهجان) والكحة والسعال الدموي وزيادة إفراز البصاق والعرق الغزير ، مع الشعور بالضعف والإعياء . ومما يزيد الحالة سوءاً ، حدوث قصور في الدورة الدموية التاجية المغذية لعضلة القلب ، الأمر الذي قد يزيد من ارتفاع الضغط ويعجل بفشل البطين الأيسر . وتحتاج هذه الحالات للتدخل السريع عن طريق حقن المريض بالعقاقير الموسعة للشرايين.

ب ـ تمزق الشريان الأورطي (الأبهر):
يعد ارتفاع ضغط الدم أحد الأسباب الرئيسية لتمزق الشريان الأورطي خاصة في كبار السن. إذ أنه مع زيادة الضغط يتدفق الدم داخل الشريان بشدة محدثاً تجمعاً دموياً بجدار الشريان وتمدداً زائداً به. وقد يمتد التجمع الدموي والتمزق في بعض الحالات إلى الشرايين الرئيسية التي تخرج من الشريان الأورطي والمسئولة عن تغذية الدماغ والأطراف ويشكو المريض بآلام شديدة بالصدر والظهر مع ارتفاع في الضغط . ويمكن التشخيص بسهولة عن طريق الفحص بالموجات فوق الصوتية باستخدام منظار المرئ ، أو باستعمال التصوير عن طريق الرنين المغناطيسي ويجب مراعاة خفض ضغط الدم بسرعة مع استخدام العقاقير المضادة للمستقبلات العصبية البائية وقد يستلزم الأمر اللجوء للجراحة في حالات التمزق القريب من القلب.