العلاج غير الدوائي

ثبت أنه بإتباع بعض النصائح الصحية ، يمكن خفض ضغط الدم المرتفع ، أو على الأقل الحد من استهلاك الأدوية الخافضة للضغط.من هذه النصائح ما يتعلق بتغيير نمط المعيشة ومراعاة القواعد الصحية في المأكل والمشرب والعمل ، وتجنب الإصابة بالسمنة ، والإقلال من ملح الطعام والكحوليات ، ممارسة الرياضة والاسترخاء. وهذا الأسلوب في العلاج غير الدوائي يصلح لجميع حالات الضغط المرتفع ، ويجب إتباعه بصفته خط الدفاع الأول لمواجهة ارتفاع الضغط في الشهور الأولى من الإصابة قبل البدء في استعمال الأدوية. بل إنه في حوالي 25% من حالات الضغط البسيطة ، نجحت هذه الوسيلة في علاج الضغط دون اللجوء للأدوية. هذا إلى جانب أنه تضمن الوقاية من أمراض القلب والشرايين ، وتجنب الآثار السلبية للأدوية وارتفاع تكلفتها.

إنقاص الوزن:
هناك علاقة ثابتة بين زيادة وزن الجسم وارتفاع الضغط ، في البالغين والأطفال على حد سواء . وقد وجد أن إنقاص الوزن في حالة المرضى الذين يزيد وزن الجسم لديهم على الوزن النموذجي بأكثر من 10% ، يؤدي إلى خفض الضغط المرتفع ويزيد من فاعلية
fat
الأدوية الخافضة للضغط. ذلك أن تقليل الوزن تصحبه تغيرات في الجسم شأنها أن تساعد على خفض الضغط المرتفع.من هذه التغيرات : انخفاض حجم السوائل الزائدة بالجسم ، وزيادة الحساسية لهرمون الأنسولين المنظم لمستوى السكر ، مما يؤدي إلى تقليل تركيز هذا الهرمون بالدم ، وانخفاض تركيز هرمون النور أدرينالين القابض للأوعية الدموية . كما أن إنقاص الوزن يؤدي إلى تقليل نشاط الجهاز العصبي السمبثاوي . ويعتمد التخلص من الوزن الزائد على الحد من استهلاك الطعام الغني بالسعرات الحرارية إلى جانب ممارسة الرياضة البدنية بانتظام.

إرشادات لإنقاص الوزن:
1ـ عدم إضافة زبد أو سمن أو زيوت أو دهون أو سكر عند إعداد الطعام.
2ـ تجنب الأكل بصفة مستمرة أو تناول أطعمة فيما بين الوجبات ، والاكتفاء بالوجبات الثلاث الرئيسية في اليوم مع "تصبيرة" صغيرة بعد الظهر عند الحاجة.
3ـ الإقلال من حجم الوجبات.
4ـ الامتناع عن تناول الأغذية والمشروبات الغنية بالسعرات مثل : الحلويات والفطائر والجاتوه والشيكولاته والمياه الغازية والمكسرات والبطاطس الشيبسي والمقلية.
5ـ الإكثار من تناول الفاكهة والخضراوات الطازجة واللبن منزوع الدسم ، والعصائر بدون إضافة السكر.
6ـ تجنب استعمال فواتح للشهية كالمخللات والمستردة.
7ـ مراعاة تناول وجبة العشاء مبكراً ، وأن تكون خفيفة في مكوناتها.

وفي النهاية يهمنا أن نشير إلى حقيقة مهمة ، وهي أن التخلص من السمنة والوزن الزائد رغم أهميته ليس دائماً بالأمر الهين. إذ كثيراً ما يعود الوزن إلى معدلاته المرتفعة السابقة بعد النجاح مؤقتاً في إنقاصه. بالإضافة إلى هذا الوزن ليست له الفاعلية الواضحة التي تتميز بها الأدوية في علاج ارتفاع ضغط الدم.


الإقلال من ملح الطعام
سبق أن أشرنا إلى العلاقة بين ملح الطعام وارتفاع ضغط الدم وذكرنا أن الأصحاء والمرضى على حد سواء يتباينون فيما بينهم في مدى حساسية الضغط لمستوى الملح في الطعام.غير أنه من الملاحظ بوجه عام أن الإقلال من ملح الطعام يساعد على خفض الضغط
salt
لدى مرضى الضغط المرتفع. والجدير بالذكر أن الطريقة الوحيدة الفعالة التي اتبعت لعلاج ارتفاع ضغط الدم في ثلاثينات وأربعينيات القرن العشرين ، كانت تتمثل في الامتناع عن تناول ملح الطعام كلية مع تجنب الأطعمة المحتوية عليه.واستخدمت في ذلك الوقت طريقة عرفت بـ "طريقة كبنر الغذائية" والتي كانت تقتضي تناول وجبات من الفاكهة والأرز بدون ملح لعلاج الارتفاع الشديد في الضغط ، المعروف بارتفاع ضغط الدم الخبيث. ولكن كان عسيراً على معظم المرضى الاستمرار في هذا النظام الغذائي نظراً لعدم استساغته. وقد تبين فيما بعد أن الأمر لا يستدعي الإقلال من الملح بدرجة كبيرة حتى ينخفض الضغط. فإذا علمنا أن الفرد العادي يستهلك يومياً حوالي 10 جرامات من ملح الطعام ، فإنه بخفض هذا المعدل إلى النصف (حوالي 5 جرامات من الملح يومياً) يمكن إنقاص الضغط دون أن يفقد الطعام مذاقه المحبب. وقد استخدم كبنر في نظامه الغذائي لعلاج ارتفاع الضغط الخبيث في الثلاثينات من القرن الماضي ما يقل عن جرام واحد من الملح يومياً، نظراً لعدم توافر أية أدوية فعالة لعلاج الضغط في ذلك الوقت.

إرشادات للإقلال من الملح في الطعام:
1ـ الامتناع عن إضافة الملح إلى المائدة أثناء تقديم الطعام.
2ـ الإقلال بقدر الإمكان من الملح أثناء طهي الطعام وإعداده ،والاستعاضة عنه بالليمون والفلفل.
3ـ تجنب المأكولات الجاهزة والوجبات سريعة الإعداد، والمعلبات والأغذية المحفوظة ،والكاتشب.
4ـ عدم تناول المخللات والأطعمة الغنية بالملح مثل البطاطس الشيبسي والمكسرات المملحة ، وجميع أنواع الجبن، والسمك المملح والسردين ، والبيتزا.


الرياضة البدنية والمجهود الجسماني المنتظم
تبين من خلال المتابعة الصحية للأفراد الأصحاء الذين يكون ضغط الدم لديهم في الحدود الطبيعية ،ويعيشون حياة تكاد تخلو من الحركة والمجهود العضلي أن فرصة تعرضهم لارتفاع ضغط الدم تزيد بنحو 20-50 في المائة بالمقارنة بنظرائهم الأكثر حركة ونشاطاً . وتشير نتائج الدراسات والبحوث العلمية إلى أن المواظبة على بذل المجهود الجسماني وممارسة الرياضة البدنية بانتظام
sport
لمدة 30 دقيقة يومياً ،بواقع ثلاث مرات أسبوعياً ، يؤدي إلى انخفاض الضغط المرتفع خلال شهور قليلة. وتوضح هذه الدراسات أيضاً أنه يمكن عن طريق المجهود الجسماني المنتظم خفض الضغط الانقباضي(السيستولي) لدى مرضى الضغط المرتفع بمعدل 10 مم زئبق.
ويعزى أثر المجهود الجسماني (أو الرياضة البدنية) في خفض الضغط المرتفع إلى حقيقة أنه يؤدي إلى إنقاص الوزن ، كما يعمل على زيادة حساسية الجسم لهرمون الأنسولين ، مما يترتب عليه انخفاض مستواه في الدم وما يصحب هذا من آثار صحية حميدة. كذلك لا يمكننا إغفال دور المجهود الجسماني في الإقلال من نشاط الجهاز العصبي السمبثاوي.
(من الملاحظ أن الرياضيين يتميزون عن غيرهم بانخفاض نشاط الجهاز العصبي السمبثاوي ، ويبدو هذا واضحاً في بطء معدل النبط لديهم)
وينتج عن ممارسة الرياضة البدنية بانتظام ، زيادة في حجم العضلات وتناقص كمية الشحوم في الجسم مما يسهل من عملية إنقاص الوزن.ويرجع السبب في ذلك إلى اختلاف عمليات التمثيل الغذائي للسكريات والدهون في النسيج العضلي عنها في النسيج الدهني، حيث يزيد معدل الاحتراق في النسيج الأول مقارنة بالثاني.كما تعمل الرياضة البدنية على خفض مستوى الدهون والكولسترول في الدم ، وتساعد على تقليل مستوى السكر لدى مرضى البول السكري.

إرشادات عن الرياضة البدنية:
1ـ المجهود الجسماني المعتدل مثل المشي السريع لمدة 30-45 دقيقة يومياً ، بمعدل 3-5 مرات أسبوعياً ، يناسب كل الأعمار.
2ـ يمكن تحديد حجم المجهود الجسماني المناسب للفرد حسب سنه ، وذلك بوصول النبض أثناء المجهود إلى سرعة تعادل 190 ناقص سن الفرد. فمثلاً إذا كان سن الفرد خمسين عاماً ، فإن سرعة النبض التي يوصى بالوصول إليها عن طريق المجهود الجسماني هي 140 نبضة في الدقيقة (190-50-140).
3ـ ينصح بعد بذل مجهود عنيف أو مفاجئ أو عقب تناول الطعام مباشرة ، خاصة لمن تعدوا سن الخمسين . ويجب استشارة الطبيب قبل القيام ببرنامج رياضي متقدم.
4ـ يفضل التدرج في شدة المجهود الجسماني المبذول. وعموماً ينصح بالبدء بممارسة المشي بالنسبة للأفراد الذين لم يعتادوا مزاولة الرياضة من قبل ، على أن تتم زيادة سرعة المشي والفترة المخصصة له شيئاً فشيئاً ، ثم يمكن الانتقال إلى ممارسة السباحة البطيئة ، فالهرولة .........وهكذا.
5ـ ينبغي تجنب الرياضات التي تصحبها زيادة مفاجئة في ضغط الدم مثل حمل الأثقال والمصارعة والملاكمة.


النظام الغذائي
توصل العلماء حديثاً إلى أنه يمكن خفض ضغط الدم المرتفع عن طريق اتباع نظام غذائي غني بالفاكهة والخضراوات، وخال بقدر الإمكان من دهون الألبان والشحوم الحيوانية.و قد ثبتت فعالية هذا النظام في خفض الضغط حتى بدون الإقلال من ملح الطعام أو إنقاص وزن الجسم. قد يعزى السبب في ذلك إلى احتواء هذا النظام الغذائي على عناصر البوتاسيوم والماغنسيوم والكالسيوم التي تعمل على تقليل الضغط.فقد تبين مثلاً أن النباتيين أقل عرضة للإصابة بارتفاع ضغط الدم من غيرهم . لذلك ينصح مرضى الضغط بالإكثار من تناول الفاكهة والخضراواات والإقلال من الدهون ، خاصة الدهون المأخوذة من مصدر حيواني كاللبن ومنتجاته واللحوم بأنواعها.

الاسترخاء وعلاج التوتر والقلق النفسي
يرتفع ضغط الدم إلى معدلات كبيرة في حالات الانفعال الشديد. وقد يؤدي التوتر العصبي والقلق النفسي المستمر إلى ارتفاع الضغط على المدى البعيد، وغالباً ما ينتج هذا عن زيادة نشاط الجهاز العصبي السمبثاوي . كما يؤدي التوتر أيضاً إلى تغيير في معدل إفراز عدد من الهرمونات ، وقد يزداد احتجاز الماء والملح في الجسم مما يساعد أيضاً على ارتفاع الضغط.

يجب التنبيه إلى ما يلي:
1ـ مرض ارتفاع ضغط الدم قد يصيب الكثيرين ممن لا يعانون من أي قلق عصبي ، وبالمثل فإن كثيراً من مرضى القلق لا يعانون بالضرورة من ارتفاع الضغط.
2ـ يتم علاج الضغط المرتفع عن طريق العقاقير الخافضة للضغط وليس المهدئات. أما الأدوية المهدئة للأعصاب فينحصر دورها في علاج أعراض القلق والتوتر واضطرابات النوم.

الإقلاع عن التدخين ومعالجة زيادة دهون الدم
لا يعد تدخين السجائر أحد أسباب ضغط الدم المرتفع ، وقد يزداد ضغط الدم بعد تدخين السجائر ، غير أنه لا يلبث أن يعود إلى معدلاته الطبيعية بعد ذلك. ومع ذلك فإن تدخين السجائر ذو أثر خطير ومدمر على عدد من أنسجة الجسم ، من أهمها الغشاء الداخلي المبطن لجدران الشرايين والأوعية الدموية ، مما يعجل بحدوث تصلب الشرايين ويؤدي إلى ترسب الدهون على جدرانها، وبالتالي فقدانها لقابلية الانبساط وزيادة ميلها للانقباض. كما يعتبر التدخين أحد الأسباب الرئيسية للإصابة بضيق الشرايين التاجية ، وبالتالي التعرض للذبحة الصدرية وحدوث جلطة بالشريان التاجي. كذلك يؤدي التدخين إلى حدوث ضيق بشرايين الأطراف ، وشرايين المخ والكليتين ، مما يفضي إلى مضاعفات خطيرة بالجسم . ومن هنا تبرز أهمية الامتناع عن التدخين نهائياً.